“قبة راحيل” .. رصاص الاحتلال إما للقتل أو الإعاقة
رام الله 6 تشرين الأول 2015 – أسفرت حوادث إطلاق النار التي حصلت مؤخرا من قبل جنود الاحتلال المتواجدين في البرج العسكري المقام على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم (قبة راحيل)، عن مقتل طفل وإصابة اثنين آخرين، أحدهما أصيب بإعاقة دائمة في رجله.
ووفقا للمعلومات التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، من الميدان، فإن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي أمس الاثنين صوب الطفل عبد الرحمن عبيد الله (13 عاما) قرب مخيم عايدة للاجئين ببيت لحم، ما أدى إلى استشهاده عقب إصابته برصاصة اخترقت صدره.
وقتل الطفل عبيد الله بينما كان يبعد حوالي 70 مترا عن المواجهات التي كانت تدور بين الشبان وجنود الاحتلال قرب المخيم، ووفق شهود عيان فإن عبيد الله لم يكن مشاركا في المواجهات عندما أطلق جندي إسرائيلي خرج من البوابة التي تحيط بالبرج العسكري، النار صوبه.
وباستشهاد عبيد الله، يرتفع عدد الأطفال الذين قتلهم الاحتلال بالذخيرة الحية في الضفة الغربية، بما فيها القدس، منذ بداية العام الجاري إلى أربعة، هم: ليث الخالدي (15 عاما) الذي استشهد في الأول من آب الماضي متأثرا بجروح أصيب بها خلال مواجهات مع قوات الاحتلال على حاجز عطارة قرب بيرزيت، ومحمد الكسبة (17 عاما) الذي استشهد في الثالث من تموز الماضي بعد أن أطلق ضابط إسرائيلي كبير النار صوبه من مسافة تقدر بـ15 مترا قرب حاجز قلنديا، وعلي أبو غنام (17 عاما) الذي استشهد برصاص جنود الاحتلال المتواجدين على حاجز الزعيم في الرابع والعشرين من نيسان الماضي، إضافة إلى عبيد الله.
وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش “إن التحقيقات الأولية التي أجرتها الحركة في مكان الحادث تشير إلى أن عبيد الله قتل دون أي مبرر”، مضيفا أن “قتله ينضم إلى قائمة طويلة من حوادث مماثلة وفرت فيها سلطات الاحتلال الحماية لجنودها بحكم انتشار ثقافة الإفلات من العقاب”.
أما الطفل عيسى المعطي (13 عاما)، فقد تعرض للإصابة بعدة رصاصات حية في رجليه في الثامن عشر من الشهر الماضي، قرب “قبة راحيل”، قبل أن يتم اعتقاله، الأمر الذي ألحق ضررا بالغا برجله اليمنى لا يمكن معالجته إلا بالبتر.
والمعطي هو ثاني طفل في محافظة بيت لحم يتعرض للإصابة في أطرافه السفلية بعدة رصاصات حية من قبل جنود الاحتلال خلال شهر، وفق تحقيقات الحركة العالمية، بعد الطفل عنان ملش (15 عاما) الذي أصيب في الثاني من الشهر الماضي، بأربع رصاصات حية في كلتا رجليه، في المكان نفسه، قبل اعتقاله أيضا، وهو ما يزال يقبع في السجن بانتظار محاكمته التي تأجلت عدة مرات.
وقال الطفل المعطي، في إفادته للحركة العالمية، إنه كان على مقربة من الجدار الفاصل قرب “القبة” في حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء، عندما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار صوبه، فأصابته بأربع رصاصات في رجليه، اثنتين في كل رجل.
وأوضح أنه أصيب برصاصة عند الفخذ الأيسر وأخرى أسفل الركبة مباشرة، وبرصاصتين أسفل ركبته اليمنى، مبينا أن عددا كبيرا من جنود الاحتلال تقدموا نحوه عقب إصابته، وأمسكه بعضهم من يده اليسرى وجروه على الأرض حتى أوصلوه إلى البرج العسكري، ومن ثم وضعوه على الأرض وأزالوا عنه ملابسه.
وقال إن جنود الاحتلال حققوا معه، وهو ملقى على الأرض يتألم وينزف، حول إلقائه زجاجة حارقة على البرج العسكري.
نقل الطفل المعطي إلى مستشفى “هداسا عين كارم” في القدس، وهناك خضع لعدة عمليات جراحية لإزالة الرصاص من رجليه، ومع ذلك قرر الأطباء بتر قدمه اليمنى بسبب تضررها الكبير جراء الإصابة، وما زال يمكث هناك بانتظار موعد عملية البتر.
وأثناء وجوده في المستشفى، تحت حراسة جنديين إسرائيليين ويده مكبلة بالسرير، تعرض المعطي للاستجواب من قبل محقق في الشرطة الإسرائيلية لحوالي نصف ساعة، لم يبلغه خلالها بحقه في التزام الصمت، أو استشارة محام.
ويوم الخميس الماضي، الأول من الشهر الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال قرارا بالإفراج عن الطفل المعطي بكفالة 2500 شيقل، وهو يواجه تهمة إلقاء زجاجة حارقة على برج عسكري.
وغالبا، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي المنتشرة بأعداد كبيرة على الحواجز العسكرية في كافة أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تتسبب بتوتر ومضايقات للمواطنين، ما يؤدي إلى حدوث مواجهات.
ونددت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال وغيرها من منظمات حقوق الإنسان باستمرار استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة المفرطة، لا سيما استخدام الأسلحة الذخيرة الحية ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة الأطفال.
وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن حوالي 291 طفلا فلسطينيا أصيبوا بجروح خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الفترة ما بين كانون الثاني وآب 2015.